الجاسوس الذي دمر اسرائيل..اشرف مروان جاسوس برتبة بطل قومي
بمنتهى الاريحية (سخرية) .. فيلم جولدا اللي ذكر ضمن أحداثه اسم اشرف مروان اكتر من مره( كجاسوس اسرائيلي) لكن في مضمون الفيلم اللي تقريبا يعتبر أول فيلم استند لوثائق اسرائيلية في سرد أحداثه أكد أن اسرائيل كانت بتشك في كون اشرف مروان عميل مزدوج مش بس كده دول كمان أختلفوا فيما بينهم في كونه جاسوس لحساب مصر (يعني شهد شاهد من أهلها) .. .. وبكده أسدل الستار ع أكذوبة اشرف مروان عميل الموساد
تعالوا بقي نحكي حكاية العميل المصري اللي ضحك ع اسرائيل وخدع اكبر جهاز مخابراتي في العالم ..
البداية كانت سنه ١٩٦٨ لما بدرت في دماغ السادات فكرة زرع عميل داخل قلب الموساد الاسرائيلي.. لكن السادات كان عنده مواصفات خاصة للعميل بتاعه يعني كان عايز شاب ابن ناس ومثقف وشكله وسيم والأهم من كل ده أنه يكون من داخل المطبخ السياسي المصري ! طب ازاااي ؟؟!
هقول لحضراتكم ازاي ..السادات خد الفكره وعرضها ع جمال عبد الناصر اللي تحمس جدا ليها لكن سأله اهم سؤال مين الشاب اللي ممكن يقوم بالمهمة دي رد السادات وقالة صهرك اشرف مروان جوز بنتك مني وسكرتير رئاسة الجمهورية للمعلومات .. استغرب عبد الناصر من اختيار السادات لجوز بنته وسأله ليه اختارت واحد من العيلة؟؟! رد السادات وقاله أن درجة قربة من رئيس الجمهورية هي الطعم اللي هيخلي اسرائيل تهتم بتجنيده .
.. خصوصا أن اشرف مروان كان عنده ميول رأسمالية كشاب محب للسفر والسهرات ع عكس ميول عبد الناصر الاشتراكية اللي بتعتمد ع التقشف وشد الحزام .. ودي هتكون واحده من اهم الأسباب اللي هتصدرها المخابرات المصرية للموساد ..عشان تسهل عملية زرعه في الكيان الاسرائيلي..
وهي أن الرئيس وجوز بنته مش ع وفاق سياسي وعليه أصبح من الطبيعي ان ينشق اشرف مروان عن عبد الناصر ..لكن السؤال الملح هنا ايه مدي الحاجه اللي هتعود ع مصر من التضحية بواحد من أفراد أسرة الرئيس اللي هو (اكبر راس في البلد) في عملية استخباراتية؟؟! الإجابة .. إن عملية زراعة اشرف مروان في اسرائيل مكانتش بحجة أنه يجيب معلومات .. لأ كانت بهدف أنه يرسل معلومات ..
وطبعا درجة قربة من رئيس الجمهورية هتخلي المعلومات اللي هيبعتها لاسرائيل كفيلة ترفع درجة الاستعداد القصوى في الموساد وده اللي كان بيحصل بالفعل .. عايز اضيف لحضراتكم كمان أن فكرة تجنيد اشرف مروان واستغلال قربة من رئيس الجمهورية بترجع لمحاولة المخابرات المصرية وجود بديل قوي ل(المنبع)؟؟؟ طب مين هو المنبع؟؟
هو الاسم الكودي لشخصية عربية كانت موجودة بالفعل ويعتبر رقم واحد في بلده ..كان بينقل كافة تحركات مصر السياسية للموساد وكل المعلومات الصغيره قبل الكبيرة ومش بس مصر ..كان بينقل كافة التحركات العربية في المنطقة كلها لجولدا مائير شخصيا ..
وطبعا وجود شخص بالأهمية الاستراتيجية دي لاسرائيل كان كنز وكان بيصعب الأمور ع مصر خصوصا أنه دوره السياسي والدبلوماسي باعتباره المسئول رقم واحد في دولتة كان بيمنع مصر من اي محاولة احتكاك معاه والا تبقي بتعلن الحرب ع دولة شقيقه ..
فكان لابد من وجود منافس قوي يقدر يجذب انتباه الموساد ويقلل من أهمية المنبع .. وفي نفس الوقت يكون مصدر ثقة.. وده اللي كان بينطبق ع اشرف مروان اللي بدا رحلتة كعميل مصري بعد تجنيده سنة ١٩٦٩ في اول مهمه رسمية له في لندن....
واول ماوصل اتصل بالسفارة الاسرائيلية وبلغهم رسالة بتقول أنه مسئول مهم في مصر وأنه بيطلب التعاون مع اسرائيل وأنه هيبعت معلومات مهمه مع الطبيب الخاص بيهم في لندن .. وقفل المكالمة
وهنا كانت الصدمة ..طب ليبيه ؟؟ لأن اشرف مروان كان قاصد يبعت رسالة للموساد بأنه يعرف المكان الخاص باجتماعاتهم السرية في لندن أو مايسمى بالسيف هاوس واللي كان عبارة عن عيادة لدكتور يدعي ايمانويل هاربرت اللي هو نفسه عميل للموساد ..
وطبعا معلومة زي دي مش اي حد يعرفها ولا يمكن مصر تفرط فيها تحت اي بند وده كان أول طعم ترمية المخابرات المصرية للموساد من خلال اشرف مروان.. كنوع من كسب الثقه حتي لو كان المقابل التضحية بمعلومة مهمة زي دي ..
وبدأ جمال مروان دوره في نقل المعلومات اللي عايزه توصلها مصر للموساد لدرجة أن المخابرات المصرية كانت بتضحي بعدد كبير من المعلومات المهمه والحيوية في مقابل أن جمال مروان يقدر يثبت نفسه ويصدقوا أنه الراجل بتاعهم في مصر زي مثلا أنه كان بينقل محاضر اجتماعات الرئيس مع قادة الاتحاد السوفيتي واللي كان بيتفق فيها معاهم ع مدوا بالأسلحة عشان يقدر يحارب ..
طبعا ده كان بيحصل بالاتفاق مع المخابرات المصرية عشان يوصلوا لاسرائيل معلومة أن مصر صعب تحارب بسبب مماطلة السوفييت في امدادها بالأسلحة ودي الخدعه الاساسية اللي كانت بتلعب عليها مصر .. ومن هنا أصبح اشرف مروان كنز للموساد وقدر بلؤم شديد يخدع جولدا مائير وموشي ديان وكبار رجال الموساد لدرجة أنهم كانوا مسميينه (الملاك )
إلا أن مدير المخابرات العسكرية الاسرائيلية ايلي زعير وديفيد ايلي عازر رئيس اركان الجيش الاسرائيلي كانوا من المشككين دايما في ولاء اشرف مروان وكانوا دائما بيحذروا جولدا مائير منه وده بالمناسبة ظهر ضمن أحداث الفيلم ..
وفي نص تحقيقات لجنة اجرانوت لتقصي الحقائق اللي كونها الكنيست الاسرائيلي لبحث اسباب الهزيمة بعد ٧٣ قال ايلي زعير أنه كان دائم الشك في مروان وده بسبب بذخ المعلومات اللي كان بيبعتها واللي اكتشف أنها في مجملها كانت بلا قيمه لاسرائيل وان حتي المعلومات العسكرية منها لم تتسبب في قتل عسكري مصري واحد ع الحدود لدرجة أنه وصفه بأنه جاسوس تخدير وليس تحذير زي ماكان بيدعي ليهم ..
ومع قرب قيام الحرب كان اشرف مروان من وقت للتاني يبعتلهم معلومة أن السادات خلاص هيحارب وبعد مابيستعدوا ويجهزوا ويستدعوا الاحتياطي مايحصلش حاجه ويخسرولهم كام مليون دولار ع الفاضي.. اضافه للأخبار المغلوطة اللي كان بيبعتهلهم بالترتيب مع السادات.. زي خبر تسريح عدد كبير من الجنود وخبر سفر كبار قادة الجيش للعمره وغيرها ..
بالبلدي كده السادات كان متبع سياسة اللبد في الدره وهما نايمين ع ودانهم ومصدقين اخبار (الملاك) لكن تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن وفي وسط حالة الهدوء والسكون اللي خلقها اشرف مروان بمعلوماته للموساد بأن مصر لا يمكن تحارب تيجي معلومة من المنبع تأكد أن مصر وسوريا بيجهزوا للحرب فعلا فيجتمع قادة الموساد ويبدوا يراجعوا رسايل اشرف مروان الاخيره فيلاقوها كلها بتاكد عكس كلام المنبع حتي أنه في اخر رسالة قالهم أن السادات أمره هو ووفد إعلامي بالسفر لباريس يوم ٥ أكتوبر للتنديد بأفعال اسرائيل في المنطقة ..
وطبعا مايقدروش يستدعوا الاحتياطي ويقعوا تاني في نفس الفخ ولا يقدروا يستدعوا الجنود من إجازة عيد الغفران اللي بتعتبر يوم مقدس بالنسبالهم فقرروا أنهم يتجاهلوا تحذير المنبع ويصدقوا رسائل الملاك ..وبكده تبقي نجحت المخابرات المصرية في مهمتها ونجح اشرف مروان في دوره وأصبح بديل قوي للمنبع..وهو المطلوب
لحد يوم ٥ اكتوبر لما وصل اشرف مروان للندن الساعة ١٢ الضهر واتصل بالموساد يطلب مقابلة عاجلة مع تسيفي زامير رئيس الموساد وتتم المقابلة اللي بيفاجأ فيها اشرف مروان رئيس المخابرات أن مصر هتحارب بكره ٦ أكتوبر الساعه ٦ المغرب وطبعا ع مارجع تسيفي زامير واجتمع مع جولدا وقادة الجيش.. كانت الحرب قامت بالفعل الساعه ٢ الضهر وجالهم الخبر بأن الجنود المصريين عبروا القناه ودمروا خط بارليف وبيحرروا أرضهم وفي نفس الوقت في اشتباكات مع الجيش في سوريا ..
هول وقوع الصدمة ع اسرائيل كان بمثابة صفعة قوية مش بس ع وجوه الاسرائيلين لا وكمان ع الامريكان اللي كانوا بيدعموهم لدرجة أن جولدا مائير صرحت بأن التاريخ هيذكر ان مصر أول دولة تستطيع أن تهزم إسرائيل.. طبعا السؤال اللي هيترائي لذهن حضراتكم طب هو ليه اشرف مروان بلغ إسرائيل اصلا بميعاد الحرب؟؟!
ماكان سابهم ع عماهم واكيد ده كان هيفرق في حجم الخساير بالنسبالهم.. الاجابة.. اولا لان المخابرات المصرية ماكنتش عايزه تكشف العميل بتاعها ولا عايزه تحرقه خصوصا بعد النجاح اللي هو محققة هناك فاليه ميفضلش مكمل رحلة تجنيده في إسرائيل حتى بعد هزيمتهم..
منها يستمر في مدهم بمعلومات مغلوطة تشتتهم اكتر ومنها يأمن نفسه من غدرهم لان طبيعي لو عرفوا انه خدعهم وضحك عليهم كانوا هيصفوه وده اللي حصل فعلا بعد كده واللي هنفردله حلقه منفصلة للحديث عنه..
في النهاية قد ان الأوان للتاريخ ان يبرئ ساحة أشرف مروان ويثبت انه كان صناعة مصرية خالصة وان ولائه كان لمصر ومكانش عميل للموساد زي ماكان معظمهم بيدعي لحفظ ماء الوجه.. أشرف مروان اللي قال عنه الرئيس مبارك لم يكن جاسوسا لإسرائيل بل كان وطنيا مخلصا استخدمه السادات لتضليل إسرائيل..
أشرف مروان رجل ضمن الاف من الرجال والابطال اللي كتبوا اسمهم بحروف من نور في تاريخ الوطن.. وكما قال الرئيس السادات.. وربما جاء يوم نجلس فيه معا لا لكى نتفاخر ونتباهى ولكن لكى نتذكر وندرس ونعلم أولادنا
وأحفادنا جيلا بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقه ومرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله، نعم سوف يجىء يوم نجلس فيه لنقص ونروى ماذا فعل كل منا فى موقعه، وكيف حمل كل منا الأمانة وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة ساد فيها الظلام ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء».
التعليقات على الموضوع